Loading...

Discover the top freelance platform on the market! Learn more

كيف أنقذ استشاري أعمال شركة من خسائرها المحققة؟ إليك القصة

بعد أن كانت الشركة الاستثمارية لتجارة الملابس محتفظة بحصة سوقية جيدة ومستقرة في مجال الأزياء لسنوات، وجدت نفسها في موقفٍ محفوف بالمخاطر لا تُحسد عليه. فقد دفعت المنافسة المتزايدة وارتفاع تكاليف الشراء والشحن، وثبات أو تباطؤ المبيعات بالشركة إلى الخسارة لعامين متتاليين.

لذلك كان الشركاء يفكرون في اتخاذ تدابير جذرية مثل: رفع الأسعار، أو تسريح عدد من العمال، أو حتى إغلاق الشركة إن كان هذا الحل النهائي. لكن كان الرئيس التنفيذي للشركة لديه رأيًا آخر، فهو يعتقد أن هناك مسارًا بديلًا لإعادة توجيه دفة الشركة وتحقيق الربحية.

يبدأ المسار البديل هذا من توظيف استشاري تطوير أعمال محترف، ليُعيد قراءة الموقف الحالي للشركة حسب خبرته، ثم الخروج بتوصيات تٌترجَم إلى إجراءات تنفيذية لإعادة توجيه دفة الشركة إلى الوجهة الصحيحة، وبالفعل تم تكليفي بهذه المهمة. لذا دعني أصحبك في رحلتي لإدارة المرحلة التالية للشركة.

أولًا: التعرف إلى الشركة

قبل الانطلاق في رحلتنا، دعنا نتعرف إلى الشركة أولًا:

  • الأنشطة: استيراد وتجارة الملابس كنشاط رئيسي، والاستيراد لحساب الغير كنشاط فرعي.
  • الفروع والمخازن: تمتلك الشركة مقرًا إداريًا، وخمسة فروع تجارية، وثلاثة مخازن أحدها مخصص لبضائع الغير.
  • عدد الموظفين: يعمل بالشركة 90 موظفًا.
  • الخسائر: خلال العام قبل الماضي 7%، والعام السابق له 5% حسب قائمة الدخل التالية التي أعدتها الإدارة المالية.

مرحلة العصف الذهني

بعد أن اطلعت على المعلومات السابقة، وتوصيف الشركاء للمشكلات التي تعاني منها الشركة، قررت إجراء جلسات عصف ذهني معهم ومع المديرين وممثلي الإدارات. هدفي من هذه الجلسات هو الاستماع للجميع، والنقاش بحرية وانفتاح بدون تبادل الاتهامات أو الآراء السلبية بين الإدارات.

في أثناء هذه الجلسات، وضعنا أهدافًا افتراضية للمرحلة المقبلة، وتبادلنا الحديث عن مدى معقوليتها وملامح خطة تحقيقها، ثم إعطاء الفرصة لجميع المشاركين بطرح موضوع جديد في إطار العمل الأساسي أو طرح فكرة جديدة والتعبير عنها ومناقشتها باهتمام من الجميع.

نتائج العصف الذهني

خرجنا من جلسات العصف الذهني بهذه النقاط:

  1. لم ترتفع قيمة مبيعات الشركة لعامين متتاليين، رغم ارتفاع التكاليف في المقابل مثل: الزيادة السنوية لرواتب الموظفين، وزيادة إيجارات المخازن، وارتفاع تكلفة النقل وغيرها من المصروفات.
  2. الخسارة في العامين ناتجة من نشاط بيع الملابس بالمتاجر التابعة للشركة، بينما لم يتسبب نشاط الاستيراد لحساب الغير في أي خسائر، لأن ربحيته تتحقق من خلال العمولة وهي نسبة من قيمة الشحنة.
  3. المنافسة الشديدة التي تتعرض لها الشركة في السوق والعروض المقدمة للمنافسين، أثرت سلبًا على المبيعات.
  4. زيادة المبيعات ستطلب زيادة تكلفة التسويق إلى جانب تحمل تكلفة العروض والتخفيضات والشحن المجاني، ما سيزيد من الخسائر غالبًا، وهذا ما لا تحتمله الشركة.
  5. ضم شركاء جدد قد يكون مصدرًا جيدًا لضخ الأموال التي قد تستخدم للتسويق، لكن يتطلب هذا الحل دراسة استخدام تلك السيولة، ولا يغني عن خطة لتعديل الوضع الحالي.
  6. تخفيض التكاليف عن طريق غلق أحد الفروع أو تسريح العمالة سيعطي انطباعًا بأن الشركة تتقلص ولا تستطيع المنافسة، وهذا أيضًا لا تتحمله الشركة.
  7. إضافة نشاط جديد يمكن أن يكون حلًا على المدى المتوسط أو البعيد، ولكن بعد دراسة استثمارية له وإيجاد مصدر تمويل، سواء داخلي عن طريق الشركاء أو خارجي من مؤسسات التمويل. ولكن هذه لا يُغني عن حسم المشكلة الحالية.
  8. من المحتمل أن تكون إجراءات العمل الحالية بالشركة قد ساهمت في ضعف استغلال الموارد، أو على الأقل عدم ترشيد النفقات. لذا من الضروري مراجعة كافة الإجراءات المتبعة داخل الشركة بشكل عملي، مع التركيز على الحالة الفعلية كما هي، وليس على الإجراءات القياسية المسجلة في نظام العمل.
  9. ليس من المطروح رفع الأسعار، لأن ذلك سيؤثر سلبًا على الطلب، ومن الممكن أن تكون المحصلة هي انخفاض قيمة الإيرادات.

كلمة السر التي حصلنا عليها من خلال جلسات العصف الذهني كانت “التوافق”، فلدينا الآن تعريف موحد للمشكلة، ورؤية واحدة للجميع ومحاذاة بين متخذي القرار؛ أي أن الجميع يوجه نظره وطاقته للحل الذي شارك بنفسه في الوصول إليه.

التحليل والتوصيات

طلبت من الإدارة تكوين مجموعة عمل للمساعدة في جمع وتحليل البيانات، وتوثيق الإجراءات السارية بالشركة، واتفقنا على ضم السكرتارية التنفيذية والمدير المالي ومدير الموارد البشرية إلى تلك المجموعة، للخروج بتقرير وتوصيات تعرض على الإدارة.

بعد الاجتماع مع العاملين بالشركة، تمكّنت بمساعدة مجموعة العمل من صياغة عدد من التوصيات التي من شأنها الوصول إلى الاستغلال الأمثل للموارد وتحويل مسار الشركة من شركة خاسرة إلى شركة رابحة. قسمت التوصيات حَسَبَ النشاط والإدارة المسؤولة كما يلي:

التوصيات للموارد البشرية

  • أوصيت بتقسيم العاملين بالشركة من حيث أهمية تواجدهم في مقر الشركة من عدمه، والتوصية بتحويل عدد من الوظائف إلى نظام العمل عن بعد، مثل وظائف خدمة العملاء.
  • تحويل مساحة العمل الخاصة بهؤلاء الموظفين إلى مساحة تخزينية لأقرب الفروع إلى الإدارة.
  • تحقيق أقصى فعالية لتكاليف التوظيف مع الوصول لأفضل الكفاءات من خلال اعتماد سياسة توظيف الخبراء المستقلين، وخاصةً في مهام إدارة علاقات العملاء، والمراجعة الداخلية، وتطوير الأعمال، والتسويق الرقمي.
  • تعديل هيكلة رواتب الوظائف التي تحولت للعمل عن بعد بخفض يتناسب مع عدم تحمل الموظف عبء الانتقال إلى مقر العمل.
  • رفع نسبة العمولة الخاصة بموظفي الإدارة لتشجيعهم على المزيد من الكفاءة والفاعلية.

التوصيات للمخازن والنقل

  • تقسيم المنتجات بالمخازن إلى منتجات عالية ومتوسطة وضعيفة الطلب، ومنتجات راكدة. ونقل المنتجات ضعيفة الطلب والراكدة من المخازن المركزية إلى الفروع، واستخدامها في العروض كقطعة عليها قطعة هدية أو كقسم المنتجات المخفضة، مما يساهم في توفير مساحات تخزينية، وإتاحة الفرصة لعروض ترويجية في الوقت نفسه.
  • استغلال المساحة الُموّفَرة من تحويل موظفي خدمة العملاء للعمل عن بعد في التخزين المؤقت (الفرز) أو التخزين لصالح أقرب فرع.
  • تطوير تجهيزات المخازن وزيادة عدد الأرفف وإعادة تنظيم المساحات.
  • عدم تخصيص مخزن بالكامل لبضائع الغير، لأن المراجعة أظهرت أن سعته أكبر من حجم الشحنات الواردة، وبالتالي يمكن ضم جزء منه لتخزين بضائع الشركة.
  • بناءً على ما سبق، يمكن الاستغناء عن مخزن من أصل ثلاث مخازن للشركة، مما سيوفر تكاليف إيجاره وصيانته ومرافقه.
  • الالتزام بخطة إمداد للفروع وتوحيد توقيتات النقل من المخازن إلى الفروع، مما يوفر في تكلفة النقل بشكل ملموس.

النتائج

بعد تأييد الإدارة للتوصيات، تم تحويلها إلى إجراءات تنفيذية لكل إدارة، واستمر عمل اللجنة لمتابعة التنفيذ وإزالة معوقاته بالتعاون مع مديري الإدارات ورئيس الشركة. فأصبح عام 2023 هو عام تصحيح المسار، ليس فقط بسبب تحقيق الأرباح في ظل تلك الظروف الصعبة، ولكن لأنه أصبح لدى الشركة طريقة لحل المشكلات، وترسخت بين فريق العمل ثقافة الحفاظ على الموارد وحسن استخدامها.